أحب الأظافر القصيرة حيث لا شيء يدل على أي قوة، والشحوب تحت العينين، ربما لأنني أرى الحقيقة في هذه الهشاشة التي نحاول التملص منها، أعمل في المكتبة منذ ثلاثة أشهر ولا أحد يخجل هنا من شراء كتاب اللاطمأنينة لبيسوا، بل أن ثمة زهو من نوع غريب يلازم هذه الأفعال في العادة، مما يسبب لي إرباكاً كبيراً. كنت أفكر بهذا، ربما منذ اللحظة التي سقطتُ فيها من سلم الطابق الثاني في مدرستي الإبتدائية، فعلى الرغم من الألم البالغ الذي تسبب به وقوعي هذا إلا أن أول ما فكرت فيه هو وجود الآخرين من حولي، قمتُ سريعاً وتأكدت من خلو المكان من الناس، ومشيت ضاغطة على قدمي ومحرجة. لكن لا، لابد وأنني أخطئ تقدير الأمر كعادتي، إن كان هذا صحيحاً، لماذا كنتُ أحب المرض في طفولتي، لماذا ادعيت مرة أنني لا أقوى على المشي وقطعت حوش البيت وأنا أزحف لاستقبال والدي العائد من العمل؟ لماذا هزني فؤادي في تلك المرة لأنه لم يتعاطف معي، كما فعل عندما شقت زجاجة باطن قدمي وأنا أعمل في مزرعة جدي؟ لماذا تحب الأمهات المبالغة في إظهار التعب عندما يكبر الأولاد ويبدأون في مغادرة البيت، واحداً تلو الآخر؟ ولماذا عندما يقول لي أحد أن كل هذه المشقة “مجرد تعب” أتطلع للبصق في وجهه بلا توقف؟ هل هنالك تعبٌ شفاف لا نخشى من الاعتراف به، بينما هنالك تعب لا أقوى على تسميته نصرُ على تفاديه؟ يسقط كل شيء في الآن، تسقط عيني، وفمي، وقصيدة لشاعر مغمور قرأتها ليلة أمس، عن فتاة تناولت الحبوب المهلوسة وظنت أنها برتقالة لعام كامل. يسقط كل شيء ولا أعرف مالجدير بفعله في حالة كهذه، هل أستمر في إعلان هذا التعب، أم اخبئه جيداً تحت زاوية منفرجة تبدأ من شفتي مباشرة؟
مكتبة روازن/ الخوض
7/9/2017
أحدث التعليقات