كل شيء يصدر رنيناً هذه الأيام، وعلى نحو ما، يبدو الصوت قوياً ولا يمكنني احتماله، إلا أنني ولو أردتُ ترجمة ذلك الصوت، ما كان شيئاً هناك غير الخواء المكتمل. أضع رأسي فوق الوسادة، لأحاول الإحساس بذلك الشيء الرخو، وأن يطبق عليّ تماماً فلا أعود هنا بعد الآن. يبدو لي أنني طيفٌ، شبح، صور كثيرة لا أعرف لمَّ أستدعيها الآن، أمي أمام موقد النار، تعدُ خبزاً بسمك شريحة مرتديلا، وتعطيني في اللحظة نفسها قلادة ألماس تلمع من بعيد، زوجي يحرك يديه كثيراً في الهواء، دون أن يتحرك شيءٌ في الغرفة، كتبٌ كثيرة في محرقة، ورائحة خشب رثة، وأبي يعلن أنه خائر القوى، وأنا هناك أصرُ على أن أستسلم مثل عينين لم تكونا يوماً أكثر من سكاكين مصقولة.

عندما كنت أسير إلى مكان انتظار حافلة المدرسة صباح كل يوم قبل عقد من الزمان، كنتُ قد أقنعت نفسي، أنني وعندما أفكر في المستقبل عليّ أن أطرد الفكرة كي لا أفسدها، لا أعرف كيف لطفلة صغيرة أن تصاب بهذا الذهان، لكنني كنت وكلما فكرت في ذلك أكره كل شيء فيَّ بدءً من شفتيّ اللتين تسقطان نحو ذقني، ونهاية بحرف الراء الذي يظهر معقوفاً على نحو لا يتناسب مع بؤسي، لم يكن هنالك شيء أفعله إذن إلا تأمل اللحظة الحاضرة، والإحساس الحاد بتلاشيها الفوري، مثل شيء ينفجر إلى ذرات صغيرة، لم يكن هنالك شيء، كلهم في غياب يحمل جرساً طوال الوقت.

يبدو كما لو أن السراب، هو اللحظة ذاتها التي يخبرها المرء بعد كأسين من النبيذ، فهل يمكن أن كل شيء هنا هو انعكاس لشيء آخر، هذا الفراغ اذن فوضى من؟ لماذا عليهم جميعاً أن يغرقوا في الوادي القريب من بيتنا حتى يصبح هذا كله ملموساً؟  مرة كدت أغرق في الوادي، وضعت قدمي فوق ما ظننته تلة في ذلك الوقت، لم أكن أعرف أن طين الوديان مختلف، وأنه يبتلعك فوراً، أبي كان فوق، كان يمر صدفة من هناك، ركض نحوي وأمسك بيدي، لكنني رأيت في حلم بعد ذلك اليوم أنني كنتُ قد سحبته إليّ وأننا مرة واحدة اتحدنا إلى الأبد.

غيابكم: طاولة الطعام، سريري، لغتي، ومستقبلي  الذي لا ينبغي أن أفكر فيه.

أمل

بوشر – ٥/٦/٢٠١٨